ذات الإلهام الروحي، فأورورابورياليس هي جذابة ذات طيف حسي جميل،
خلابة الألوان، تسلب القلوب و العقول،وضع الخالق فيها إبداعه ، فخطف بها
أنظار البشر و اهتمام العلماء، رسمهاالله في صفحة سمائه البراقة، و رآها
البشر في مناطق هي من أكثر بقاع الأرضبردا، فأتى دفء أورورا البصري ليتعلق
به النظر و القلب و لا يغادره حتىتغادر
أورورا! هي في السماء، كضوء القمر، تتمايل كموج رقيق يتراقص في حضن الغدير، تسرالناظرين، تلوح في السماء في معرض رائع رقيق الحس قوي الإبداع، فليست هيببرق و لا رعد، و ليست بشروق و لا
غروب، و ليست بسحاب و لا رياح، و لا بقوسالمطر
إنهاظاهرة سماوية عكف على استكشافها الكثير من العلماء و صرف منهم الكثير منالوقت و الجهد لمعرفتها، فهي تسمى
بأورورا بورياليس، أو الشفق القطبي، أوالفجر القطبي، و تعرف مجازا بالأضواء
الشمالية. و تأتي الظاهرة على شكلأضواء في السماء شديدة البريق و الرونق و كأنها ترسم بريشة ذات ألوان متلألئة،
فتظهر بألوانها، الأخضر و الأحمر و البنفسجي و البرتقالي و الأبيضالممزوج بزرقة، و
يحدث ذلك فقط في المناطق القطبية الشمالية و الجنوبيةللأرض، فيمكننا القول بأنها ظاهرة تختص بدول القطب الشمالي و تحدث فيهاكثيرا، مثل النرويج و ألاسكا، و لكنها
تحدث في بعض الأحيان في دول أخرى منالعالم حتى على خط الإستواء، و لكن
أهالي خط الإستواء لا يرونها إلا مرة فيكل قرن من الزمان بينما تحدث هذه
الظاهرة بشكل أكبر في المناطق القطبية. وهي من الظواهر الطبيعية التي يستمتع
بها العلماء كثيرا و يترقبون حدوثها ويحبون تصويرها و مراقبتها.
التفسيرالعلمي الحقيقي لهذه الظاهرة، حيث
تقوم الشمس بإصدار مجموعة من الجزيئاتالذرية المشحونة بالطاقة في الفضاء و
هذه الجزيئات تتكون من بروتونات وإليكترونات فائضة مفرغة في الجو، فتدخل هذه الجزيئات الصغيرة
المشحونةبالطاقة إلى المجال المغناطيسي للأرض، فيقوم المجال المغناطيسي
بجذب بعضهذه الجزيئات المشحونة إلى أقطابها الشمالية و الجنوبية، فتنظمها
لتتحرك فيأفلاك لولبية الشكل ، و ذلك بسبب الشكل غير المنتظم للمجال
المغناطيسيالأرضي.
وبعد الجذب القطبي
تتجول هذه الجزيئات قريبا من الأقطاب الشمالية والجنوبية للأرض في مسافة قريبة جدا
منها، بحيث تصطدم هذه الجزيئات معجزيئات الغلاف الغازي. و عندما تصطدم تلك الجزيئات بجزيئات الأكسجين والنيتروجين في الغلاف الغازي تتسبب في إصدار موجات ضوئية مرئية
للعين. وربما تلونت هذه الأضواء تبعا لنوع الغاز الذي اصطدمت الجزيئات به.
ولأن هذه الجزيئات
مشحونة بالطاقة، يمكنها أن تعتبر كتيار كهربائي متذبذبأو متردد يتدفق و يفيض في الجو. و من المعروف أن أي تيار كهربائي متردديكون لديه مجال مغناطيسي متغير خاص به (طبقا لقانون أمبير)، و في المقابللا بد لأي مجال مغناطيسي متغير أن يكون له تيار كهربائي متردد خاص به أيضا (طبقا لقانون فاراداي)، هذا التيار الكهربائي المتكون في الجو يكون فيالعادة ضعيف و لكن
عندما تجتمع التيارات الكهربائية الضعيفة مع بعضها البعضعلى خط واحد من الطاقة يصل طوله إلى ألف ميل فإنها تتدفق بقوة كبيرة وكافية لتدمير محطة كاملة للطاقة، أو للتداخل مع الأجهزة الإليكترونية علىالأرض، و من هنا يظهر لطف الخالق الجبار بنا، حيث أن الغلاف
الغازي ما هوإلا درع واقي يتصدى لكل تلك العوامل المدمرة، فبدلا من أن تدمرنا
تلك الظاهرة الطبيعية تماما، تظهر لنا على شكل لوحات فنية خلابة تزيد من التفكرو التأمل في خلق
الله و تدبيره
ومن الشعوب التي حاكت الأساطير حول هذه الظاهرة الطبيعية شعب الأسكيمو الذي يعتقد أن الشفق ما هو إلا كائن حي فضولي، حيث هناك أسطورة تقول عنه: "إذا ما تحدثت بصوت خافت، سوف تقترب لتحاول إشباع فضولها." أما بالنسبة للرومان، فأورورا هي آلهة الفجر وهي أخت القمر، و التي تعد آلهة هي الأخرى. وتقول الأسطورة الرومانية أن أورورا تقطع السماء في عربتها قبيل الفجر يسبقها ابنها - نسيم الصباح - معلنة قدوم عربة أبوللو - إله الموسيقى والنور والفطنة - حاملة شمس اليوم الجديد.
وأصبح تتبع ظاهرة
الأوروا بورياليس أو الفجر القطبي سهلابالنسبة للعلماء، حيث تمكنهم الأقمار
الصناعية المتطورة من مراقبة الشمس وحركة رياحها تجاه الأرض، و بالتالي
يمكنهم رصد حركة الجزيئات المشحونة التيتنبعث منها و التنبؤ بوقت وصولها إلى
الأرض، و اصطدامها بغلافنا الجوي، ومن ثم تصويرها و دراستها على الوجه
الأكمل