الاختلاف بين البشر صفة بشرية وطبيعية جبلية فيما بينهم ، ولذلك عائد إلى الاختلاف الملحوظ فيما بين فئات البشر واختلاف بيئاتهم، واختلاف مناهج التفكير وأنماط المعيشة ، وتفاوت قدراتهم وتباين اتجاهاتهم وتعدد أمزجتهم وتداخل أهدافهم وتضارب غاياتهم إلى غير ذلك مما هو سمة لكل الناس مودعة في كل واحد منهم .
ولا مراء في أن الاختلاف إن كان لا يؤثر على العلاقات بين الجماعات والأفراد فهو أمر طبيعي لايتعارض مع مبادئ هذا الدين ، غير أننا نرى وفرة من الآيات القرآنية التي تنعي على الاختلاف من مثل قوله تعالى : ( وما كان الناس إلا أمة واحدة فاختلفوا ) ........................
2- أسباب الاختلاف بصفة عامة :
الاختلافات
من حيث أسبابها وجذورها نوعان :
1- اختلافات أسبابها خلقية .
2-
اختلافات أسبابها فكرية .
أولا : الأسباب الخلقية :
أما
الاختلافات التي ترجع إلى أسباب أخلاقية ، فهي معروفة للعلماء والمربين
الذين يتدبرون دوافع الأحداث والمواقف ، ولا يكتفون بالنظر إلى سطوحها دون
أن يغوصوا في أعماقها .
ومن هذه الأسباب :
1- الغرور بالنفس
، والإعجاب بالراي .
2- سوء الظن بالغير ، والمسارعة إلى اتهامه
بغير بينة .
3- حب الذات واتباع الهوى ، ومن آثاره : الحرص على
الزعامة أو الصدارة أو المنصب .
4- التعصب لأقوال الأشخاص والمذاهب
والطوائف .
5- العصبية لبلد أو إقليم أو حزب أو جماعة أو قائد .
وهذه
كلها رذائل أخلاقية عدت من المهلكات في نظر علماء القلوب ، ويجب على
المسلم أن يجاهد نفسه ، حتى يتحرر منها ، ولا يستسلم لها ، ويسلم زمامه
للشيطان ، وأن يعمل بجد في رياضة نفسه حتى يتحلى بأضدادها .
والاختلاف
الذي ينشأ عن هذه الرذائل أو المهلكات ، اختلاف غير محمود بل هو داخل في
التفرق المذموم .
ثانياً : الأسباب الفكرية :
وأما
الاختلافات التي سببها فكري ، فمردها إلى اختلاف وجهات النظر في الأمر
الواحد ، سواء كان أمراً علمياً ، كالخلاف في فروع الشريعة ، وبعض مسائل
العقيدة التي لا تمس الأصول القطعية ، أو كان أمراً عملياً ، كالخلاف في
المواقف السياسية واتخاذ القرارات بشأنها نتيجة الاختلاف في زوايا الرؤية ،
وفي تقدير النتائج وتبعاً لتوافر المعلومات عند طرف ، ونقصها عند طرف آخر،
وتبعاً للاتجاهات المزاجية والعقلية للأطراف المتباينة ، وتأثيرات البيئة
والزمن عليها سلباً وإيجاباً .
من كتاب أدب الاختلاف في الرأي وضوابطه للدكتور جمال فتحي نصار
دكتوراه في فلسفة الأخلاق
كلية دار العلوم - جامعة القــــــــــــــــــــــــاهرة