القصة
الفصل الأول
عام مضى منذ آخر عمل لى.عام لم يطلبني أحد.لم يرن جرس هاتفى.و لكن ذلك الصباح جد فى الأمور جديد ؛ اتصل بي و حدثني أن هناك من يطلبني من جديد.لم أكن أصدق ما أسمع ؛ هل هناك من يزال يذكرنى؟!! يذكر الأديب و يتذكر أعماله؟!!
إنها فرصتي الأخيرة لأعود من جديد بعد أن انقصف قلمي.لم أعد قادراً على الإبداع أو حتى الكتابة منذ أن بيع قلمي.لم أكن لأبيعه لولا أن أقلام أمثالي لا تجني الجوائز بل لا تجني الأموال ، لم أعد قادراً على ضغوطات تلك الحياة فعلي أن أبيع قلمي شريطة أن أجنى المال.
نعم هى فرصتى الأخيرة للعودة إلى عالم الكتابة. لم يعد أحد يطلبنى ؛ لأن هناك الجديد و الجديد كل يوم ، ففي ذلك المجال القذر تقصف أقلام و تبرى أخرى كل يوم.
انتصف نهار القاهرة على أن أغادر بلدتي الصغيرة إلى القاهرة متجرداً من ثياب الأديب مرتدياً ثياب أخرى أكثر فخامة و لكن أقل احتراماً ألا و هى ثياب بائع القلم.
كانت تلك الورقة البغيضة في إنتظاري ، ورقة إعلان المسابقة التى سأكتب قصتي من أجلها .لم أنتبه لموضوع المسابقة فذلك لا يهم أمثالنا و ربما لم يطلع صاحب الورقة أيضاً عليها ؛ فكل ما عليه هو الحضور إلى عم محمود فى مكتبته الصغيرة بينما يتولى هو الأمر.
يبدو الأمر غريباً تلك المرة ؛ فى خلف الإعلان كانت تلك الكلمات (أعلم أنك لم تعد الأفضل و أن هناك العديد من بائعي القصص أكثر حصداً للجوائز ، و أن قصصك لم تعد بروعة سابقيها ، و لكننى قرأت قصة مجهولة بعنوان " ذات يوم" لم أجد مؤلفها ، بحثت كثيراً عن اسمه فلم أجده إلا أن أخبرني أحد أصدقائى أنك من كتبها لقد كانت قصة رائعة ما زلت أتذكرها)
ابتسامة سخرية تجسدت على وجهى ؛ فلم أكن كاتب القصة بل كان آخر ربما كان من مشتري قصصي ذات يوم و لكنه أصبح الآن من بائعيها ، فالكثير من بائعى القلم اليوم اشتروه من قبل.
فى منتصف ليل القاهرة وصلت بلدتي الصغيرة . ألقيت نظرة على ورقة المسابقة تبدو أنيقةً جداً لا بد و أنها مسابقة كبيرة.
لقد كانت المسابقة عن عابد شيطان. عابد شيطان؟!!!. كم يبدو الأمر غريباً لم تعتاد مسابقة من قبل على طرح تلك المواضيع .
لا أعلم لماذا يأخذني التفكير كثيراً تلك المرة ، فمنذ متى و على بائع القلم أن يفكر و يجادل؟
ولكن منذ متى و هناك من يهتم بشأن تلك الأقليات؟ هل أصبحوا كثر و أنا لا أعلم؟!!!. لا ، لم أسمع عن ذلك من قبل . ربما تبدل الحال فى ذلك العام لتصبح هناك مواضيع جديدة.
قلمي على أهبة الإستعداد ، ولكن بعد غياب عام علي أن أكتب من جديد. ساعة مرت و أنا لم أجد فكرة ، و أخرى تمر و مازال قلمي في نقطة البداية. ما هذا؟ هل لم أصبح قادراً على الكتابة؟ هل انطفأ نجم الأديب؟!!. إنها فرصتي الأخيرة ، لقد منحتنى الصدفة إياها فلا بد و أن أعود تحت الشمس من جديد. و لكن ماذا أفعل؟. هل جبن قلمي وعقرت ورقتي وغاب تفكيري؟!!! هل بعت قلمى فى الأمس فباعني قلمى اليوم؟!!
مضى يومان و أنا اقرأ عن عبدة الشيطان و لكن دون جدوى. كل التحقيقات و المقالات و القصص لا تكشف هذا العالم من الداخل ؛ فالأمر ليس سهلاً ؛ فما الذي يدفعك لعبادة الشيطان؟!!. فلا بد و أن لغزاً خلف الستار لم يكتشف بعد. و لكن كيف يتكشف ذلك اللغز و أنت بعيداً عن هذا العالم ، لا بد و أن تدخل إليه.
أدخل إليه!! ما هذا الهراء؟!!!
نعم تدخل إليه لأنها فرصتك الأخيرة فلا تجعلها قصتك الأخيرة.
لا لن تكن قصتي الأخيرة سأدخل ذلك العالم و لكن من أجل القصة القصة.
بقلم
شريف عبدالعزيز