حينما نادى أفلاطون في جمهوريته المثالية منذ ألوف السنين بتربية النشء على حب الموسيقى و الرياضة و جعل من الموسيقى و الرياضة حصصا ثابتة في منهج الطالب، كان صاحب فلسفة و كانت له وجهة نظر،فالموسيقى هي الوسيلة لتربية الذوق و تنمية الحس الجمالي، و الرياضة هي الوسيلة لكمال الجسد و تنمية الشجاعة و الخلق الكريم.
و ...قد عشنا و رأينا ألوانا من الموسيقى الرفيعة تربي الحس الجمالي بالفعل و ترفع الذوق..كما رأينا على أيامنا ما تفعله الرياضة في كمال الأجسام و في كمال الأخلاق..
و لكن يبدو أن العصر اختلف.. و الموسيقى اختلفت.. و الرياضة اختلفت.. و أصبحنا نقرأ عن مباراة عالمية يسقط فيها عشرات
القتلى و يتقاتل فيها المشجعون بالسكاكين و العصي و الزجاجات الفارغة،
رأينا تحول الأستاد الرياضي إلى مسرح جرائم و في بلدنا رأينا المتفرجين يسقطون
موتى بالسكتة القلبية لأن الكرة دخلت في مرمى الزمالك أو الأهلي، و رأينا
المشجعين يتبادلون اللكمات و يعتدون على اللاعبين و على الحكم و يسبون هذا و
ذلك بأقذع الألفاظ.
و في كل أوليمبياد تكتشف اللجنة أبطالا مشهورين يلجأون إلى الغش و تعاطي الحقن الممنوعة ليتفوق كل واحد على منافسيه بدون وجه حق.
و ثم إن الرياضة نفسها تحولت إلى تجارة مفترسة، و أصبح لها سماسرة و أصبح لكل بطل مدير محترف و مكتب دعاية و ملحق صحفي و عصابة تتحرك لحراسته أينما ذهب، و أصبحت البطولة بابا مفتوحا لملايين الدولارات.. و نجوم التنس و الملاكمة و السباحة و الجري و القفز أصبحوا أصحاب ملايين و
super stars
و أصبح العرف السائد هو الوصول إلى الكأس.. بأي سبيل و لو بالغش و التدليس و الإجرام.. و أصبحت الرياضة شيئا آخر غير الذي تكلم عنه أفلاطون.
و رأينا نجوما مثل مارادونا يسقطون من قمة النجومية إلى هاوية الإجرام و الشم و المخدرات ثم يفقدون كل شيء.
و كان ما حدث للموسيقى أكثر.. فسيمفونيات بيتهوفن و شوبان و فاجنر....و قصائد الشوقيات و أصوات أمثال عبد الوهاب و عبد الحليم وأم كلثوم و وديع الصافي و فيروز تراجعت لتحتل المسرح راقصات و راقصون يهزون الصدور و الخصور و كورس يصفق و طبال يطبل، و ظهر الديسكو الغربي الذي حول الغناء إلى زار و صراخ و ضجيج و عجيج و أصبح الطرش و فقدان السمع من أمراض السميعة المدمنين..... و نفس الشيء حدث في السينما و المسرح.....و رأينا ممثلات كبيرات يعتزلن لأن الأفلام المتاحة أصبح أكثرها هابطا و فاحشا و أشبه بعمل فاضح في الطريق العام.
و أبطال كمال الأجسام الآن تلتقطهم السينما لأفلام الرعب و الإجرام ( مثل شوارزنجر و أمثاله ).
و الرياضة و الموسيقى و الغناء و السينما و المسرح و باقي الفنون تحولت في نظام اقتصاد السوق إلى المواصفات الأمريكية و اتجهت إلى القبلة -بكسر القاف- التي تفرضهابورصة هوليوود و يحكمها الدولار.
و لو أن أفلاطون بعث اليوم حيا لأنكر ما يرى و ما يسمع و لسحب كلامه و حل جمهوريته و فضل عليها بيع الخضار في الأسواق.فلم تعد هناك علاقة بين الموسيقى و تنمية الذوق، و لا بين الرياضة و تنمية الأخلاق الحميدة....و إنما أصبحنا نرى بورصة مثل بورصة نيويورك تفرض مواصفاتها و الكل يطيع.. و الأخلاق في النازل..و الأذواق في النازل.. لا يهم.. ما دامت المكاسب في الطالع و لو بالغش و لو بالإجرام و لو بالعهر.
و لا أعمم فما زالت هناك استثناءات ولكنها قليلة، فالعملة المزيفة تطرد العملة الجيدة أولا بأول، و الفنون المريضة تجد لها زبائن أكثر، و نفوسا مريضة تروج لها أكثر فأكثر.. و الجيد في السوق قليل.
و رغم تفوق أمريكا في العلوم و التكنولوجيا و وسائل القوة.. إلا أن أثرها مدمر في مجالات الفنون كلها بلا استثناء.
و أسلوب التسويق الأمريكي هو الذي أخرج الرياضة من خانة الفن الراقي و نزل
بها إلى ساحة الغش و الإجرام.. و أنا أفهم أن نأخذ عن أمريكا علومها و
تكنولوجيتها و لكن لا أفهم كيف نرضى بأن نأخذ عنها فنونها.
و أقول لكل الفنانين.. ألا تجدون قبلة أخرى تصلون لها غير واشنطن و باريس و لندن ؟
أليس لنا ذاتية و جذور و عطاء خاص ؟.. أليس لنا تاريخنا الذي تفردنا به و روحنا التي تفردنا بها أيضا ؟.. أليس لنا فضائلنا و تراثنا ؟.. ألسنا مهبط الوحي و ورثة الأنبياء ؟
أين نحن فيما تفعلون ؟ و أين نحن في هذا الطبل و الزمر و التهريج و التجارة الرخيصة و التقليد الأعمى و الجري وراء المستورد و المغشوش من كل لون ؟
أين نحن و أين أنتم من أنفسكم، و منجوهركم و من ماهيتكم التي ضاعت في الطوفان! ؟
و ...قد عشنا و رأينا ألوانا من الموسيقى الرفيعة تربي الحس الجمالي بالفعل و ترفع الذوق..كما رأينا على أيامنا ما تفعله الرياضة في كمال الأجسام و في كمال الأخلاق..
و لكن يبدو أن العصر اختلف.. و الموسيقى اختلفت.. و الرياضة اختلفت.. و أصبحنا نقرأ عن مباراة عالمية يسقط فيها عشرات
القتلى و يتقاتل فيها المشجعون بالسكاكين و العصي و الزجاجات الفارغة،
رأينا تحول الأستاد الرياضي إلى مسرح جرائم و في بلدنا رأينا المتفرجين يسقطون
موتى بالسكتة القلبية لأن الكرة دخلت في مرمى الزمالك أو الأهلي، و رأينا
المشجعين يتبادلون اللكمات و يعتدون على اللاعبين و على الحكم و يسبون هذا و
ذلك بأقذع الألفاظ.
و في كل أوليمبياد تكتشف اللجنة أبطالا مشهورين يلجأون إلى الغش و تعاطي الحقن الممنوعة ليتفوق كل واحد على منافسيه بدون وجه حق.
و ثم إن الرياضة نفسها تحولت إلى تجارة مفترسة، و أصبح لها سماسرة و أصبح لكل بطل مدير محترف و مكتب دعاية و ملحق صحفي و عصابة تتحرك لحراسته أينما ذهب، و أصبحت البطولة بابا مفتوحا لملايين الدولارات.. و نجوم التنس و الملاكمة و السباحة و الجري و القفز أصبحوا أصحاب ملايين و
super stars
و أصبح العرف السائد هو الوصول إلى الكأس.. بأي سبيل و لو بالغش و التدليس و الإجرام.. و أصبحت الرياضة شيئا آخر غير الذي تكلم عنه أفلاطون.
و رأينا نجوما مثل مارادونا يسقطون من قمة النجومية إلى هاوية الإجرام و الشم و المخدرات ثم يفقدون كل شيء.
و كان ما حدث للموسيقى أكثر.. فسيمفونيات بيتهوفن و شوبان و فاجنر....و قصائد الشوقيات و أصوات أمثال عبد الوهاب و عبد الحليم وأم كلثوم و وديع الصافي و فيروز تراجعت لتحتل المسرح راقصات و راقصون يهزون الصدور و الخصور و كورس يصفق و طبال يطبل، و ظهر الديسكو الغربي الذي حول الغناء إلى زار و صراخ و ضجيج و عجيج و أصبح الطرش و فقدان السمع من أمراض السميعة المدمنين..... و نفس الشيء حدث في السينما و المسرح.....و رأينا ممثلات كبيرات يعتزلن لأن الأفلام المتاحة أصبح أكثرها هابطا و فاحشا و أشبه بعمل فاضح في الطريق العام.
و أبطال كمال الأجسام الآن تلتقطهم السينما لأفلام الرعب و الإجرام ( مثل شوارزنجر و أمثاله ).
و الرياضة و الموسيقى و الغناء و السينما و المسرح و باقي الفنون تحولت في نظام اقتصاد السوق إلى المواصفات الأمريكية و اتجهت إلى القبلة -بكسر القاف- التي تفرضهابورصة هوليوود و يحكمها الدولار.
و لو أن أفلاطون بعث اليوم حيا لأنكر ما يرى و ما يسمع و لسحب كلامه و حل جمهوريته و فضل عليها بيع الخضار في الأسواق.فلم تعد هناك علاقة بين الموسيقى و تنمية الذوق، و لا بين الرياضة و تنمية الأخلاق الحميدة....و إنما أصبحنا نرى بورصة مثل بورصة نيويورك تفرض مواصفاتها و الكل يطيع.. و الأخلاق في النازل..و الأذواق في النازل.. لا يهم.. ما دامت المكاسب في الطالع و لو بالغش و لو بالإجرام و لو بالعهر.
و لا أعمم فما زالت هناك استثناءات ولكنها قليلة، فالعملة المزيفة تطرد العملة الجيدة أولا بأول، و الفنون المريضة تجد لها زبائن أكثر، و نفوسا مريضة تروج لها أكثر فأكثر.. و الجيد في السوق قليل.
و رغم تفوق أمريكا في العلوم و التكنولوجيا و وسائل القوة.. إلا أن أثرها مدمر في مجالات الفنون كلها بلا استثناء.
و أسلوب التسويق الأمريكي هو الذي أخرج الرياضة من خانة الفن الراقي و نزل
بها إلى ساحة الغش و الإجرام.. و أنا أفهم أن نأخذ عن أمريكا علومها و
تكنولوجيتها و لكن لا أفهم كيف نرضى بأن نأخذ عنها فنونها.
و أقول لكل الفنانين.. ألا تجدون قبلة أخرى تصلون لها غير واشنطن و باريس و لندن ؟
أليس لنا ذاتية و جذور و عطاء خاص ؟.. أليس لنا تاريخنا الذي تفردنا به و روحنا التي تفردنا بها أيضا ؟.. أليس لنا فضائلنا و تراثنا ؟.. ألسنا مهبط الوحي و ورثة الأنبياء ؟
أين نحن فيما تفعلون ؟ و أين نحن في هذا الطبل و الزمر و التهريج و التجارة الرخيصة و التقليد الأعمى و الجري وراء المستورد و المغشوش من كل لون ؟
أين نحن و أين أنتم من أنفسكم، و منجوهركم و من ماهيتكم التي ضاعت في الطوفان! ؟