لا شك أن يومي 14 و18 نوفمبر 2009 ليسا ككل الأيام بالنسبة للجزائريين والمصريين على حد سواء مثلما حملا هذين اليومين الكثير من الأحداث السياسية والاجتماعية التي سنحاول عكسها على كل ما أحاط بلقاء الجزائر- مصر، فقد شهد يوم 14 نوفمبر 1954 حدثا تاريخيا كبيرا في أرض الكنانة لأنه اليوم الذي أطاح فيه رئيسهم الراحل جمال عبد الناصر باللواء محمد نجيب وتم إعلان حالة الطوارئ في مصر، تماما مثل تلك التي أعلنتها السلطات المصرية بعد الإنذار الأخير للفيفا لكي لا يصيب الجزائريين أي مكروه، وفي نفس اليوم من عام 1987 قررت الكويت استئناف علاقاتها الدبلوماسية مع مصر في الوقت الذي نتمنى أن لا تنقطع هذه العلاقات بين الجزائر ومصر بسبب مباراة في كرة القدم لأن ما بين البلدين من علاقات سياسية واقتصادية وتجارية أكبر من أن يفسده جلد منفوخ مهما بلغت درجة التجاوزات الأخيرة، وشهد هذا اليوم من سنة 1985 انفجار بركان في كولومبيا حصد 35 ألف قتيلا مثلما انفجر 35 مليون جزائري غضبا بعد خسارة منتخبهم وعلى ما اشتكاه أخوانهم وأبناءهم في أم الدنيا، هذا اليوم الذي يصادف كذلك اليوم العالمي لمرضى السكري، حبس فيه هدف عماد متعب أنفاس الجزائريين و"طلعلهم السكر" في آخر ثواني المباراة، كما كان سيتذكره دوما أطفالنا الذين يعايشون أول مرة مثل هذه اللحظات التاريخية مثلما يمثل عيد الطفولة في الهند، يوم 14 نوفمبر الذي شهد ميلاد عدد من المشاهير أبرزهم عالم الفيزياء الأمريكي أينشتاين (1908)، أمين الأمم المتحدة الأسبق بطرس غالي (1922) ووزيرة الخارجية الأمريكية السابقة كوندوليزا رايس (1954)، عرف أيضا ميلاد الأديب والناقد المصري طه حسين (1889) الذي قرأ عنه الجزائريين الكثير في كتبهم المدرسية، لكن البعض من أحفاده لم يكونوا مع الأسف في مستوى الحب الذي كان يكنه للجزائر، كما رأى فيه النور كذلك سنة 1961 مقدم البرامج الفرنسي ذو الأصول المصرية "ناجي" الذي كان يتميز بقالب فكاهي جعله في بداية التسعينات يحظى بشعبية كبيرة عند أبناء النجمة والهلال وليس منبوذا لديهم مثلما هو الحال مع بعض الإعلاميين المصريين، أما اليوم المرتقب الجديد 18 نوفمبر فقد عرف سنة 1836 معركة قسنطينة الأولى التي تمكن فيها الجزائريين من حماية المدينة من الاحتلال الفرنسي مثلما سيطيرون إلى الخرطوم لحماية محاربي الصحراء ومساندتهم على تحقيق التأهل، ولو ينجحون في ذلك سيكون هذا يوم استقلال المنتخب الجزائري من عقدة لازمته 23 سنة من الغياب عن المونديال مثلما يصادف هذا اليوم عيد الاستقلال في المغرب (1956) وسلطنة عمان (1972)، كما عرف يوم 18 نوفمبر 1940 ميلاد الممثل المصري الراحل أحمد زكي الذي كان يحب الكثير من الجزائريين طريقته في التمثيل، وهي الطريقة التي نريد أن تسير عليها الأحوال في أرض السودان، أي أن يحب جمهور البلدين بعضهم بعضا ولا تحدث تجاوزات داخل أو خارج الملعب، وفي هذا اليوم من عام 2004 قتلت القوات الصهيونية ثلاثة جنود مصيريين على الحدود بين مصر وقطاع غزة، ما يفرض علينا أن نحتاط من أن يستغل اليهود هذا الوضع لزرع الفتنة أكثر بين الشعبين لأنهم يتحينون أي فرصة لفعل ذلك، وبين هذا وذاك فإن يوم 14 نوفمبر يصادف عيد ميلادي شخصيا وهو اليوم الذي حمل لي الكثير من المسرات، وتمنيت أن تتأهل فيه الجزائر لكنها ربما لم تتمكن من ذلك حتى يتأجل تحقيق الحلم إلى اليوم الذي يصادف عيد ميلاد المرحومة أمي 18 نوفمبر.
بقلم .. عادل حداد