الذئبة الحمراء أو الذأب الحمامي هو مرض روماتيزمي مزمن يصيب جزءا أو أجزاءا من الجسم، ففي أغلب الحالات يصيب المرض أجزاءا عديدة من الجسم و يسمى عندئذ الذأب الحمامي الجهازي وتشمل الأجهزة التي قد تصاب بالمرض الجلد،المفاصل، الكلى ، الجهاز العصبي ، الرئتين ، القلب و كريات الدم والصفائح. أما في بعض الحالات فيكون المرض محصورا بالجلد.
ان غالبية المصابين بالمرض هم من النساء في السن المبكر وتبلغ نسبة اصابة النساء الى الرجال 9 : 1 ، وهذا يعني أن المرض يصيب الرجال أيضا كما أنه ليس محصورا بسن معين فهناك من أصيب بالمرض في سن الحضانة وفي سن الشيخوخة.
سبب المرض :
لم يتوصل العلم إلى معرفة سبب هذا المرض ، إلا أنه مرض مناعي أي أنه ناشئ عن اختلال في الجهاز المناعي الذي يقوم بتكوين أجسام مناعية تهاجم أجزاءا من الجسم و تعرف هذه الأجسام بالأجسام المناعية الذاتية والتي من أهمها مضادات نواة الخلية. واهمها الحمض النووي (DNA). وهناك بعض حالات الذئبة تكون نتيجة آثار جانبية لبعض العقاقير مثل تلك التي تستعمل لعلاج ارتفاع ضغط الدم و أمراض القلب والصرع و غيرها ، وكثيرا ما تزول مثل هذه الحالات بعد إيقاف تلك الأدوية ، ويجب التنبيه إلى عدم إيقاف الأدوية إلا بمشورة الطبيب المختص حيث أن إيقاف العلاج قد يكون أخطر من احتمال ظهور مرض الذئبة لا سيما أن مثل هذه الآثار الجانبية يحدث في حالات قليلة و يقتصر على بعض الأدوية .
الذئبة الحمراء والوراثة:
تدل بعض الدراسات إلى وجود استعداد جيني للإصابة بالمرض من خلال ظهور حالات جديدة أكثر في الأسر التي يوجد مصاب بالمرض بين أفرادها.
مرض الذئبة الحمراء و الحمل:
قد يظهر المرض لأول مرة خلال الحمل، أما بالنسبة للمريضات اللاتي يعانين من المرض قبل الحمل فان المرض قد ينشط ويؤثر على أجزاء من الجسم أثناء الحمل أو الفترة التي تلي الولادة.وننصح مريضة الذئبة أن تتجنب الحمل أثناء نشاط المرض وأن لا يتم الحمل إلا بعد فترة من ركود المرض وأن تخضع المريضة للمتابعة الدقيقة أثناء الحمل، وقد أثبتت الدراسات أن أغلب حالات الحمل لدى مريضات الذئبة تسير بشكل طبيعي وولادة طبيعية إذا خضعت للمتابعة والعلاج اللازمين.من جهة أخرى هناك نوع من الأجسام المناعية قد ينتقل من الأم إلى الجنين عبر المشيمة مما قد يتسبب في بعض المشاكل الصحية للطفل عند الولادة مثل الطفح الجلدي والذي غالبا ما يزول مع الوقت، و هناك مشاكل صحية أخرى قد تستمر لدى الطفل مثل اضطراب نبضات القلب إلا أن ذلك يحصل في حالات قليلة جدا.
أعراض المرض:
تتفاوت اعراض الذئبة الحمراء الجهازية بدرجة كبيرة تبعآ لنوع الانسجة المصابة ودرجة اصابتها، وتكون الاعراض المبكرة للذئبة غير متخصصة، بمعنى أنها يمكن أن تعزى إلى عدد من الحالات المختلفة فهي لا تكفي لتشخيص المرض .
تكون الحمى والاعياء والاوجاع والالام الجسمية وفقدان الشهية ونقصان الوزن والغثيان والتوعك من ضمن الاعراض التي يعانيها معظم مرضى الذئبة، وبالاضافة إلى ذلك فإن كل المرضى يعانون من آلامآ وأوجاعآ بالمفاصل والعضلات.
كثر منهم ينشأ لديهم تورم بالمفاصل يسبب عدم الارتياح واحيانآ ما يحدث تلف مفصلي دائم .
أغلب مرضى الذئبة تكون لديهم أيضآ مشكلات بالجلد، وبعضهم يعاني حساسية غير طبيعية لأشعة الشمس حتى بعد التعرض المحدود لها، مع حدوث اعراض مثل الطفح الشديد والحمى (للحصول على نصائح لتجنب أشعة الشمس) .
يصاب آخرون من مرضى الذئبة بقروح بالفم وتقرحات جلدية شبيهة بقطع النقود (شبه قرصية) ، وسقوط الشعر وظهور طفح جلدي يشبه الفراشة على الانف والجنتين على جانبي الوجه، ويمكن أن يحدث اندلاع لاعراض الذئبة في أي وقت، ويُقدح زناد تلك الاعراض غالبآ من جراء التعرض للأشعة فوق البنفسجية الصادرة من الشمس، أو الضغوط العاطفية أو الاعياء أو عوامل أخرى .
اكثر مضاعفات الذئبة خطورة تشمل ما يقوم به جهاز المناعة من تدمير لاعضاء رئيسية بالجسم خاصة الكلى، وإذا اصيبت الرئتان ، يمكن أن يحدث التهاب ببطانة أو غشاء الرئتين (ذات الجنب) .
في بعض المرضى تصيب الذئبة صمامات القلب و/أو عضلة القلب ذاتها، وأحيانآ ما يسبب هذا هبوطآ بالقلب .
كما يمكن أن تسبب الذئبة التهابآ بالغشاء المحيط بالقلب (التهاب التامور) واضطرابات في ايقاع القلب .
إذا اصابت الذئبة المخ والجهاز العصبي، فإنها يمكن أن تسبب الصداع والنوبات التشنجية والهلاوس ونقصان الحركة أو الاحساس، ومع ذلك فالاكثر شيوعآ هو حدوث خلل وظيفي ذهني أقل شدة مثل الاكتئاب أو تدهور التركيز الذهني .
كما أن مرضى الذئبة يكونون أيضآ عرضة لاضطرابات في خلايا الدم، وهذا يعزى بصفة جزئية إلى الاجسام المضادة التي تهاجم وتدمر خلايا الدم المتخصصة وتشمل خلايا الدم الحمراء وخلايا الدم البيضاء والصفيحات الدموية . وقد تتكون جلطات دموية في الاوردة والشرايين مسببة لعواقب وخيمة مثل السكتة المخية .
النساء الحوامل اللاتي يصبن بالذئبة يكون اكثر عرضة لحدوث الاجهاض . ومع ذلك ، فمعظم النساء يكن قادرات على الاستمرار في الحمل حتى موعد الولادة مع توقعات جيدة لكل من الام والمولود، خاصة إذا كان قد تمت السيطرة على حالة الذئبة قبل حدوث الحمل واثناءه .
خيارات العلاج :
ان غموض وتقطع اعراض مرض الئبة الحمراء علاوة على الافتقار إلى وجود اختبار تشخيصي قاطع يجعل هذا المرض يشتهر بصعوبة تشخيصه، وقد وجدت إحدى الدراسات أن هذا المرض يستغرق ثماني سنوات في المتوسط حتى يمكن الوصول إلى تشخيص محدد له لدى المصابين به !
قد يجري لك طبيبك اختبارات دم متعددة وتشمل اختبارآ لاجسام مضادة غير طبيعية تسمى الاجسام المضادة لنوى الخلايا Antinuclear Antibodies (ANAs) وهذه الاجسام المضادة لنوى الخلايا توجد في غالبية مرضى الذئبة ، ولكنها توجد أيضآ في اشخاص آخرين يعانون من حالات مرضية أخرى.
في الواقع ، فإن ما يصل إلى 30% من الاشخاص الاصحاء لديهم مستويات منخفضة من الاجسام المضادة لنوى الخلايا في دمائهم . وهكذا، فإن ظهور نتيجة ايجابية لاختبار الجسم المضاد لنوى الخلية لا يعني بالضرورة أنك مصاب بالذئبة ، ولكن ظهور نتيجة سلبية يكون دليلآ قويآ على أنك لست مريضآ به .
كما يوجد نوعان آخران من الاجسام المضادة غير الطبيعية لدى بعض مرضى الذئبة وهما : الاجسام المضادة للحمض النووي DNA ، والاجسام المضادة للفوسفوليبيد Sm . هذه الاجسام المضادة توجد أساسآ في مرضى الذئبة فقط ، ولكن لسيت توجد في جميع مرضى الذئبة .
إذا وجدت تلك الاجسام المضادة لا يعني عدم وجود هذا المرض .
وعلاج مرض الذئبة يتم تكييفه تبعآ لظروفك وتوجيهه على أساس أعراض وعلامات حالتك المرضية .
قد يعالج الألم المفصلي بالعقاقير اللاستيرويدية المضادة للإلتهاب .
وقد يتم علاج الالتهاب البلوري أو الالتهاب المفصلي الشديد بالعقاقير الكورتيكوستيرويدية التي غالبآ ما تحقق تحسنآ سريعآ وقويآ رغم انها يمكن أن تسبب آثارآ جانبية .
العقاقير المثبطة لجهاز المناعة مثل أزاثيوبرين أو سيكلوفوسفاميد يمكن أن تساعد على الاقلال من إعتمادك على الكوتيكوستيرويدات، وقد تقلل التلف الذي يصيب الاعضاء الملتهبة مثل الكليتين .
بالنسبة للمرضى الذين يعانون من ألمآ مفصليآ أو أعراضآ جلدية أو أعراضآ عامة مثل الاعياء ، فإن المضادات الحيوية المضادة للملاريا مثل الهيدروكسي كلوروكوين قد تكون فعالة ، رغم أن طريقة عملها غير معروفة .
يمكنك أيضآ أن تتبع وسائل الرعاية الذاتية للإقلال من نوبات تأجج الحالة وتقلل التوتر، وتجاهد من أجل تحقيق التوازن بين الراحة والمجهود ، وتأكل طعامآ صحيآ .
في نسبة قليلة من مرضى الذئبة تتعذر السيطرة على المرض وتكون آثاره مدمرة .
وفي حوالي 2 إلى 3 % من المرضى يكون المرض قاتلآ رغم كل الجهود العلاجية المبذولة .
عافانا الله واياكم