ده مقالة للكاتبة "إقبال احمد" في جريدة القبس الكويتية
اسيبكم معاها
استشرت دكتوراً واخر، وتحدثت مع دكتورة واخذت رأي استشاري قبل ان اكتب مقالي هذا.. وليعرف القراء انني لم آت بكلامي هذا من خيالي او تفسيري، وانما من اصحاب الشأن المتخصصين.
قبل موعد الافطار كنت اتابع احد البرامج الدينية على احدى محطاتنا الفضائية، واذا بمقدم البرنامج يستضيف شيخ دين يحكي قصة احدى النساء المتخصصات بغسل الموتى، والتي وقفت، حسب ما يقول، عاجزة عن تفسير لمنظر احدى الفتيات لم تره من قبل في حياتها.. رغم انها قامت بغسل كثير من الموتى، منهم من مات طبيعيا ومنهم من مات بحوادث مختلفة.. الا ان الصورة التي شاهدتها بها قبيل تجهيز الكفن لها ابهرتها وارعبتها.
يقول الشيخ على لسان مغسلة الموتى.. كانت احدى يدي تلك الفتاة فوق راسها والاخرى وراء ظهرها، واحدى ساقيها ملتفة على الاخرى وكأنها تقف على اطراف اصابعها.. وبعد السؤال والبحث مع اهل الفتاة المتوفاة، كما يقول الشيخ، عرفت المغسلة ان الفتاة كانت ترقص لحظة سقوطها ميتة.. لانها كانت، حسب كلام ام الفتاة، تعشق الموسيقى والرقص، وفي احدى الحفلات لم تتمالك هذه الفتاة نفسها وصعدت المسرح وبدأت بالرقص وفجأة سقطت مع اول دوران لها وماتت فورا وظل شكل جسمها وكأنها ترقص رغم كل محاولات تليين العضلات ومسح الماء الدافئ عليها.
حقيقة انبهرت بما سمعت، ومن باب الاستزادة والبحث عن الحقيقة من اهلها.. اتصلت فورا باكثر من طبيب وطرحت عليهم سؤالا واضحا.. اذا كان هناك رياضي يمارس رياضة القفز وفجأة سقط ميتا.. فهل يموت ورجلاه متباعدتان الاولى للامام والاخرى للخلف ويداه طائرتان بالهواء، او اذا مات عازف البيانو وهو مستغرق في عزفه فهل تكون اصابعه ملتفة بوضع العزف ورأسه منحن امامه؟.. فاجاب الجميع ومن دون ادنى تفكير.. مستحيل، لان العضلات كلها ترتخي لحظة الموت ولا يبدأ الجسم بالتصلب الا بعد مرور فترة قد تستغرق ساعات.
اعتقد ان الرسالة الموجهة في هذا البرنامج وبشكل غير مباشر وبشيء من الترهيب والترعيب هي تأكيد تحريم الموسيقى والرقص.. ولكن هناك حقائق علمية وطبية وعقلية تتعارض بشكل كامل مع كثير مما يقال بهذا الخصوص.
جميل ان نوجه رسالتنا الدينية بما يحاكي العقل والمنطق.. ولكن ان تستغل بساطة وعفوية ومحدودية ادراك بعض الناس لإيصال معلومة (عن قصد او من دون قصد).. معلومة قد تكون خاطئة علميا ولا تدخل العقل فهذا ما اسميه الضحك على الذقون..
يا ترى لو مات المؤذن وهو يعلن الاذان ويداه على اذنيه وقد فتح فمه مناديا للصلاة.. سيكون بالشكل نفسه وهو مستلق ميتا؟
ان الله خلق لنا عقولا لنستخدمها لا ليستخدمها الاخرون بدلا عنا.
نقلا عن القبس الكويتية