الماضى الحاضر
الفصل الأول
الاختراع
الفصل الأول
الاختراع
( لا تنزعج يا سيدى الوضع على مايرام و لقد تم القضاء على هذه القبيلة بأكملها لقد سيطرنا على فرجينيا الآن يمكنك التقدم بباقى جنودك للاستقرار بالمدينة لقد سقطت المنطقة الآن يتحقق الحلم لأهم مستعمرة لنا على شاطئ الأطلسى بعد أن قضينا على سكانها من الهنود الحمر)
انتفض جيمس من مكانه بعد سماع هذه الكلمات و قفز ءالى الأعلى صارخا: لقد نجحت نجحت لقد اخترعت آلة الزمن .
جيمس هذا العالم الأمريكى الفذ الذى لا يختلف اثنان على عبقريته و لا على انجازاته العلمية . فهو من القلائل الحاصدين لجائزتى نوبل . كان يعمل جيمس منذ فترة على ايجاد جهاز جديد و لكنه من نوع آخر . جهاز أسماه الماضى الحاضر . انه كغيره من علماء جميع العصور يجذبه الماضى بأصالته و بساطته و يجذبه المستقبل بأسراره و غموضه.
كان هذا الجهاز هو حلمه الشخصى للسفر الى الماضى و لكن عقله الفذ قد هداه الى ما هو جديد . فلقد سأل نفسه عدة مرات : لم نسافر الى الماضى ؟ أليس باستطاعتنا احضار الماضى الينا؟ . هنا بدأت الفكرة فى التبلور و شرع يبحث عن طريقة لاحضار الماضى الى الحاضر . و بعد تفكير عميق وصل الى الحقيقة التى لا جدال عليها . وصل الى أن أى عصر يحمل عدة عناصر الا وهى الزمان و المكان و الأشخاص الذين يقضون هذا الزمان فى هذا المكان . ثم أخذ ليسأل نفسه من جديد : لقد اكتشفنا الأماكن فالعالم ملئ بالمدن القديمة و المعابد و الآثار النادرة ، و لقد علمنا التاريخ و سير حياة الأشخاص . اذا ماذا ينقصنا من الماضى ؟!!! . توصل بعد حيرة شديدة و تفكير عميق الى أن هناك حلقة مفقودة فى السلسلة الا و هى الحدث . ماذا كان يفعل هؤلاء؟ . لذا و بناء على كونه عالما توصل الى جهازه الماضى الحاضر فلقد فكر فى رصد أصوات القدماء لأنه يعلم أن الصوت ما هو الا موجات تخرج من المصدر يلتقطها كل من لديه مستقبل حسى لترددات هذا الصوت و لكن يظل السؤال الذى لم يفكر فيه أحد من قبل : أين يذهب هذ الصوت ؟ هل يتلاشى ؟ هل يستمر فى الفراغ ؟ و اذا كان يسير فى الفراغ و هذا هو الأرجح اذاً الى أى مدى يسير ؟ و الى أى وقت يستمر؟ . هذا ما توصل اليه جيمس و لكن هذه الأسئلة قد أصبح لها اجابات الآن . لقد توصل الى سماع كلام من الماضى فلقد اصطحب الماضى الينا اذا لم يعد هناك ماضى أنه الماضى الحاضر .
خرج جيمس من معمله و معه فريق البحث . جلس فى مكتبه يتحاور مع مساعديه لعله يصل الى نتائج أفضل. فرغم أنه الأعظم الا أنه الأقل كلاما هذا مبدأه دائما عليك الاستماع من الجميع قبل أن تتحدث .
-جيمس: ما توصلنا اليه اليوم سيحدث ثورة فى العالم بأكمله
-جورج: و لكن يا سيدى ليس لدينا معلومات حقيقية عن حجم الانجاز الى الآن.
-التفت جيمس اليه قائلا : ماذا تعنى بذلك يا جورج؟
-جورج : يا سيدى لقد توصلنا الى سماع الماضى و لكننا لا نعلم مدى الجهاز و لا الى زمن يعود هذا الكلام . كل ما نستطيع فعله هو رصد أحاديث بين أشخاص دون أن نستطيع تحديد زمن و لا أشخاص الحوار.
-جيمس: هذا صحيح يا جورج و لكن ما علينا فعله هو الاستمرار فى الرصد و من خلال الحوار يمكننا تحديد الموقف . فلديك مثال ما سمعناه اليوم أنه قائد بريطانى يتحدث عن فتح فرجينيا و الفتك بالهنود الحمر فاذا استطعنا تركيب الكلمات التى نرصدها على كتب التاريخ و المخطوطات النادرة التى لدينا اذا سيكون الماضى أمام أعيننا كأننا نعيشه.
-ابراهيم: و لكن اعذرنى سيد جيمس . أن الجهاز قد رصد هذا الحوار و هو أقدم رصد استطعنا الوضول اليه الى الآن و لكن هل يستطيع هذا الجهاز فى بلد مثل موطنى الأصلى مصر رصد أحداث يمتد تاريخها الى آلاف السنين ؟ أعتقد لا سيد جيمس . فلا بد أن للجهاز مدى معين من الزمان يستطيع اصطحابه الينا و لا تنسى أن عمر المكان الذى نحن فيه الآن لا يتعدى الثلاثمائة عام .
-جيمس : معك حق يا ابراهيم ؛ لا بد من تجريب الجهاز فى أكثر من مكان .
-جورج : اذا علينا السفر به عبر العالم كله .
-جيمس: لا نستطيع لأننا سنتعرض للتفتيش فى كل موانئ العالم .
جورج: و ما المشكلة فى ذلك ؟
-يرد جيمس مبتسما : المشكلة فى الجهاز يا جورج ؛ ماذا سيكون ردك حين السؤال عن هذا الجهاز الضخم الذى تصحبه معك
-ابراهيم : و لم نصحبه معنا نستطيع اخبار البحرية الأمريكية ايصاله لنا الى أى مكان نذهب اليه .
-جيمس: عليكما فهم ما أقصد . أنا أريد أن يظل هذا الاختراع سرا الى أن نتمكن من رصد المزيد و الوصول الى حقيقة فعاليته و حتى لا تتسرب الفكرة التى اعيتنى السنين ابحث عنها الى العلماء الآخرين فنجد من توصل الى الجهاز و أعلن عن اكتشافه فى حين ما نزال نرصد نحن المزيد من الحوارات .
-جورج : و ما الحل الآن؟
- جيمس : علينا مخاطبة الجهات المسئولة و لكن فى نطاق السرية و فى أضيق الحدود لنأخذ تصريحا منها بالمساعدة دون أن نفصح لها عن أى تفاصيل حول الجهاز .
-ابراهيم : أتمنى أن يحدث ذلك .
بعد عدة أيام وصل جيمس الى مكتبه بالجامعة و وجد ابراهيم و جورج فى انتظار النتيجة هل وافقت الحكومة الأمريكية على منحهم الفرصة أم لا
دخل جيمس الى المكتب عبوسا قمطريرا مما زاد من قلق جورج و ابراهيم : هل لم توافق الادارة الأمريكية ؟!! اذا ما الحل ؟!!
ثم جلس جيمس على كرسى مكتبه و تنهد تنهيدة عميقة ثم التفت اليهم من جديد و لكن هذه المرة بابتسامة عريضة و صرخة مدوية : لقد وافقوا . لقد تم منحنا ميزانية مفتوحة للمشروع و مترجمين لأى لغة نطلبها من قبل المخابرات الأمريكية CIA لمساعدتنا فى أى وقت نريدهم .
نظرا كل من جورج و ابراهيم كل منهما الى الآخر فى نظرات غريبة ثم قالا فى صوت واحد الى جيمس : مترجمين !! هل أفشيت بسر الجهاز اليهم يا سيدى !! اذا أين السرية التى نبحث عنها . لقد كان من الأحرى بك يا سيدى عدم كشف الحقيقة الآن كما حدثتنا من قبل .
ظل جيمس على ابتسامته العريضة ثم حدثهم قائلا : أنا سعيد لالتزامكما بتعليماتى و حفظكما للأوامر الى هذه الدرجة . و لكننى لم أخبرهم شيئا عن الجهاز قط .
-ابراهيم : اذاً و لم تم منحك ميزانية مفنوحة و مترجمين ؟ ماذا أخبرتهم ليوافقوا على ذلك ؟
-جيمس: كل ما قمت بقوله هو أننى بصدد بحث جديد يحتاج الى السفر حول العالم لتجريب جهاز جديد أريد تجريبه فى بيئات مختلفة و درجات حرارة مختلفة ,
-ابراهيم : و ماذا عن المترجمين؟.
-جيمس : لا شئ . أن النظام هنا يا ابراهيم فى أمريكا لا يسأل كثيرا و لكنه ينتظر النتائج . فليس على تفسير ما أطلبه و لكن على أن أحرز شيئا و هو ما يدفعهم لتوفير جميع احتياجاتى دون سؤالى عن أى شئ فكل ما أطلبه ينفذ طالما أنه يخدم العلم .
-جورج : تمام يا سيدى . اذا من الغد نستطيع البدء .
-جيمس : نعم و لكن ليس من الغد . من اليوم سنبدأ .
-ابراهيم : و بأى بلد سنبدأ؟
-جيمس : لقد حجزت تذاكر الطائرة كل ما عليكما فعله منذ الآن الى المساء هو الذهاب الى بيوتكما و تجهيز كل شئ للسفر ليلا
-ابراهيم : أفهم ذلك يا سيدى . و لكننى اسأل الى أى بلد سنرحل أولا .
-جيمس : ستجد ذلك على تذكرة الطائرة التى ستستلمها منى ليلا . سامحنى يا ابراهيم أنها السرية التى لا بد أن نعمل بها منذ الآن .
-ابراهيم : كما تشاء يا سيدى .
-جورج : على أن أرحل الآن لأكون جاهزا عند المساء و أن أكنت لا أجد مبررا لاخفاء وجهة سفرنا.
-جيمس : حسنا اذا أردتما أن تعرفا وجهة سفرنا الأولى فلتأتونى فى المساء .
(اذا أردت أن تعلم أيها القارئ العزيز وجهة سفرهم الأولى من أجل اختبار آلة الزمن فانتظرنى فى الفصل الثانى )
(
بقلم
شريف عبدالعزيز
شريف عبدالعزيز
عدل سابقا من قبل sherif007 في الخميس 3 سبتمبر - 6:00:22 عدل 1 مرات