استاذ عصام يسأل "صفوان".....قل لي يا بني ..ما هي النظريات والفرضيات الجيولوجية التي تتحدث عن خلق الكون؟
[size=21]
صفوان :.....امممم.....عدس!
استاذ عصام مستغربا : عدس!!!! عدس ماذا يا بني...
صفوان باستهتار شديد :...الم يقل المثل..." اللي ميعرفش يقول عدس "...وأنا لا أعرف لذا اقول عدس....فيضحك صفوان ويضحك من حوله من اصدقائه ...
كانت هذه احدى دروس ويوميات صفوان(16 عاما) المتكررة في مدرسته...فهو دائما ما يكون بعيدا عن دروسه والفضل يعود الى صديقي السوء..."عماد" و"يسري"...وبعد أن أنهى يومه الدراسي بالهروب من المدرسة كعادته ....عاد الى منزله الواقع في حي العمرانية في منطقة الهرم...وفي بيته...اصطدم بهدوء لم يكن ليشعر به من قبل....وكأن البيت مهجور... ترى ما الذي حدث؟؟...بدا يخطو خطوات قليلة...ينظر من حوله... حتى وجد باب غرفة شقيقه الاكبر "حامد" مفتوحا ويخرج منه ضوءا خافتا...بدا يقترب منه وبدأ الضوء يزداد...حتى اذا دخل عثر على والده ووالدته واخيه في الغرفة والحزن يسيطر عليهم...وكأن هناك فاجعة...الصمت سيد الموقف...هدوء تام...قال لهم : ما الذي يجري؟....رد عليه والده عم "بركات"..وقال : انظر الى اخيك...يريد ان يطلق لحيته!!
رد صفوان وقال : ألهذا السبب انتم صامتون وكأنكم قد مات لكم ميت...
رد الاب : اقول لك انه يريد ان يطلق لحيته..!!
يرد صفوان بسخريته المعتادة : يطلق لحيته!!!...يطلقها على من؟...
نظر "حامد" الى اخيه بغضب وقال له ...اخرج من غرفتي ايها المنافق الفاسق
لم يبال صفوان بتلك الكلمة الثقيلة..وخرج من الغرفة وهو يسأل عن الغداء..لكن سؤاله لم يكتمل...حيث اطلق صرخة مدوية في البيت مستغيث : راسي تؤلمني..آآآآآآه..
انفض المجلس المقام في غرفة "حامد" وهرعوا اليه..وحملوه الى المشفى المجاور..وبعد اعطاء المسكنات...واجراء التحليلات...أمسك الدكتور "صبري"..يد عم "بركات"..وطلب منه الدخول الى غرفته للحديث عن حالة ابنه...وما هي اللحظات حتى خرج "بركات" من غرفة الدكتور وهو مصدوما...تعبيرات وجهه كانت معبرة الى اقصى حد...فهناك كارثة قد اخبرها له الطبيب...وأسرعت زوجته تسأله عما قاله الطبيب له في غرفته...فرن هاتف "بركات" وكان المتصل هو مديره في العمل يطلب منه الحضور فورا لحدوث مشكلة في الكهرباء..حيث انه يعمل مهندسا كهربائيا...ورحل عن المشفى الى عمله حاملا السر الذي ابى الطبيب ان يكشفه لأم حامد وابنها حامد...اللذان أيقنا ان وجودهما في المشفى لن يفيد بشيء فقررا العودة الى البيت...وهناك حدث شيئا مريبا...حيث جاء اتصال غريب على هاتف المنزل وكان ذلك نص الحوار...
المتصل : السلام عليكم ورحمة الله
حامد : وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته
المتصل :اريد ان اتحدث مع الاخ حامد بركات الشرنوبي
حامد : انا حامد....خير ان شاء الله
المتصل :رسول الله ينتظرك
حامد : ماذا !!!!!!! رسول الله!!! من معي ...
المتصل : لا تجادل يا حامد ..هل تريد مقابلته ام لا ؟
حامد..بالطبع ...نعم...اقصد لا...لحظة من انت اولا؟
اغلق المتصل سماعة الهاتف...تاركا حامد يفكر بالاتصال والمتصل و(رسول الله)..
ترى ما الذي يقصده برسول الله؟؟!!
وفي اليوم التالي خرج صفوان من المشفى بعد ان أخذ الاب تعهدا باستلامه ورعايته ..وفي المنزل حاول بركات ان يتحدث مع صفوان في الموضوع الذي أخبره به الدكتور "صبري"..فدخل عليه في غرفته...وقال يا صفوان لقد أخبرني الطبيب انك....
يقطع حديثه ابنه الاكبر حامد...ويستاذن للدخول ...وبعد دخوله قال : يا ابي سوف أسافر مع مجموعة من الاصدقاء الى الاسكندرية غدا..
الاب : لا مشكلة...هل تريد مالا؟
حامد : لا يا ابي لكن كما تعلم فإن سيارتي معطلة ..ولذا فسأستعير سيارة صفوان..
هنا صرخ صفوان...وقال مستحيل...ستخربها كما فعلت بسيارتك..
حامد : يا صفوان انت مازلت في السادسة عشر من عمرك..اي مازلت صغير عليها وانا اولى بها منك الان..ولن استخدمها سوى خمس ايام فقط...
بدأ صفوان يتشابك مع "حامد" حتى تركهم الاب وخرج خائبا بعد ان فشل في فتح الموضوع الذي حدثه الطبيب به مع صفوان...وانتهى الموضوع بين صفوان وحامد..
ان صفوان سوف يحصل على سيارة حامد فور الانتهاء من اصلاحها مقابل ان حامد يأخذ سيارته....وفي صباح اليوم التالي كان يوم السفر الى الاسكندرية...دخل حامد الى صفوان وشكره على السيارة ودعا له بالهداية لكن صفوان استهزأ به كعادته وقال...هداية!!...لماذا اتراني كافر امامك؟...غضب حامد من تلك السخرية وقال له..." لن تفهم ابدا ..ستظل جاهلا منافقا ..ثم خرج ...
بعد يومين من سفر حامد..حاول الاب انتهاز فرصة مكوثه في البيت لنصف ساعة ليحدث صفوان في ذلك الموضوع الذي حدثه به الدكتور في المشفى...وبالفعل اجتمع بصفوان وقال له اتعلم ماذا قال لي دكتور "صبري" في المشفى عن حالتك...
صفوان : يا ابي انت تعلم ان الاطباء يحجمون الامور اكثر من حجمها الطبيعي فلا تبتئس بما قاله لك....
الاب ..: لقد صدمني حينما اخبرني انك .....وفجأة يرن هاتف صفوان
..فقال صفوان لابيه انتظرني دقيقة اجيب على الهاتف
صفوان : ماذا هناك يا عماد
عماد : كارثة يا صفوان
صفوان : ما هي ؟ لقد افزعتني ...هيا اخبرني بسرعة
عماد..لقد رايت اخيك حامد في معرض السيارات يحاول بيع سيارتك منذ قليل
صفوان : ماذا ؟ ..مستحيل ...حامد في الاسكندرية..
عماد...لا يمكن لي ان اخطأ في اخيك أوسيارتك
اخذ صفوان العنوان من عماد وانطلق مسرعا حتى ان هاتفه سقط منه سهوا على الارض...من شدة لهفته وسرعته ...
وفي المعرض ..ذهب صفوان وعماد الى مدير المعرض وسأله عن سيارته ومن الذي باعها وما اسمه...وهنا حدثت المفاجأة الكبرى الثانية...
قال مدير المعرض...الذي باع هذه السيارة هو الاستاذ.....صفوان بركات الشرنوبي!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!
جن جنون صفوان..قال ماذا؟؟!!!....أي صفوان..وانا هو ..مستحيل..إنّ الاوراق مزورة..انا صفوان يا سيدي...مستحيل ..مستحيل
قال عماد...اهدأ يا صفوان...
صفوان..اهدأ ماذا ..الم تسمع ما قاله........
بعد ذلك توجه عماد وصفوان الى بيت عماد ...حيث قرر عماد ان يصحبه الى بيته ليهدئ وينظروا في امرهم ماذا يفعلون...
وكان صفوان يقسم بأنه "سيقتل" حامد...في تلك الاثناء كانت هناك مفاجأة ثالثة اخرى من العيار الثقيل.....عندما أخذ الاب هاتف ابنه صفوان الذي سقط منه على الارض وحمله و فند في بريد رسائله وكانت احد المفاجأت هناك في بريد الرسائل....
في تلك الأثناء..ذهب حامد ومعه الاموال التي جناها من بيع سيارة اخيه الى "ابي موسى الانصاري"...وهو كبير الجماعة التي ينتمي اليها "حامد"..وعندما وصل قال له ابو موسى..: لقد تاخرت كثيرا يا حامد؟
حامد : تعلم ان شارع الهرم عادة ما يكون مزدحما...
ابو موسى : وهل حصلت على الاموال ؟
حامد : نعم ولله الحمد والمنة وها هي..
ابو موسى...بارك الله فيك ..سنشتري اليوم ما وعدتك به ..وغدا سيكون الموعد..
حامد..على بركة الله..
ابو موسى : حقا هنيئا لك يا حامد .فأنت فتى متدين ومطيع وتستحقها...فغدا ستتناول طعام العشاء مع ابي بكر عمر وعثمان..
حامد..لولا الله ثم انت ما حصلت على ما انا فيه..
وفي اليوم التالي ..كان الوضع على ما هو عليه
حامد..في مكانه المجهول والقريب من ابي موسى وليس في الاسكندرية...وصفوان عند صديقه عماد...والاب ذهب الى عمله بعد ما تخلص من الصدمة التي راها في هاتف صفوان..
وبعد صلاة العصر ...قال حامد : لقد تاخر ذلك الرجل؟
ابو موسى : لا تقلق..
وعندما حان موعد غروب الشمس...كان حامد اول من ودعها حيث انه لن يراها مرة اخرى...فهو راحل الى مهمة انتحارية ليفجر احد الملاهي الليلية في شارع الهرم وقدم اليه الرجل الذي كان ينتظره حامد ومعه الحزام الناسف الذي تم شراؤه من الاموال التي جناها حامد من بيع سيارة اخيه..وبعد صلاة المغرب استعد حامد للمهمة
الانتحارية...فحلق لحيته...وارتدى الحزام الناسف...حتى اذا ما انتهى دخل وقت العشاء..فصلى..ثم اتجه الى شارع الهرم حيث الهدف هو كازينو "بارزيانا"...وعندما وصل...كانت بداية خطواته مليئة بالحماس..وبدأ الحماس يقل شيئا فشئيا...خطواته بدأت تقل...وانفاسه بدات تزيد..والوضع يزداد خطورة اكثر واكثر...حاول ان يلهي خوفه بتلاوة قوله تعالى..واقتلوهم حيث وجدتموهم
ثم اطلق الشهادة وبعدها اطلق حزامه الناسف لينفجر المكان بأكمله...ويموت كل من فيه..من سكارى وعمّال وراقصات ...الكل قد قتل وتحول الكازينو الى كتلة من الرماد...وخارجا الناس يقولون لا حول ولا قوة الا بالله,,بدأت الاحداث تتسارع فتسابقت سيارات الاسعاف والمطافئ والشرطة والمباحث الجنائية...وبعد يومين توصلوا الى هوية القاتل وهو حامد بركات الشرنوبي..وعن طريق تحرياتهم..توصلوا
الى منزل حامد..وقاموا باستدعاء والده..الذي استقبل الخبر بصدمة رهيبة...لكنه كان يمني نفسه ان يكون الاتهام باطلا..حيث حامد في الاسكندرية...ويظل يردد "حامد في الاسكندرية "...لقد اخطأتم بالتأكيد...وهناك في المشرحة..تم الكشف عن وجه حامد..فنظر فيه والده...وكان الموقف صعبا للغاية..ان يرى الاب ابنه في ذلك الموضع...لم يتعرف عليه بداية حيث التفجير كان له الاثر البالغ في تشويه وجه الابن..ومازاد من الموضوع صعوبة ان حامد قام بحلق لحيته ...لكنه تعرف عليه
..وبكى وظل يجهش في البكاء...ثم سألهم عن المكان الذي تم تفجيره..فقالوا له انه كازينو بارزيانا في شارع الهرم..قال ماذا ؟؟!! باريزيانا!!! صدم واغشي عليه ونقل على اثرها الى المشفى...وهناك بعد ان استيقظ ..فجر المفاجات كلها ..وكشف عن المستور......اعترف بكل شيء
قال منذ ايام اخبرني الدكتور صبري ان ابني صفوان يشرب المخدرات والكحوليات..وان نتائج التحاليل تثبت ذلك...وحينها صدمت..ابني يفعل ذلك!! حيث كنت اظنه (متربي احسن تربية)...وزاد من الشعر بيتا فقال...انني عندما كنت أقلب في هاتف صفوان وفي بريده تحديدا اكتشفت انه يتردد على كزينو بارزيانا يوميا وانه يستقبل رسائل من احدى الراقصات هناك...وهذا يعني انه قتل هناك....نعم قتل حامد اخيه....قال له الضابط..رسائل من احدى الراقصات لابنك الذي لم يتجاوز السادسة عشر...؟؟؟!! واين كنت أنت
وفجاة علا صوت "بركات" وهو يصرخ ...حااااااااامد...صفواااااااان....
قتلوا بعضهما....مستحيل...اي زمان هذا...يقتل فيه الاخ اخيه
وبعد أن هدأ... قال له الظابط والذي كان يعبر عن صوت الضمير...
ان القاتل الحقيق ايها الاب الفاضل هو انت....اين كنت حينما تعرف ابنك حامد على اصدقاء التطرف...واين كنت حينما بدا افكاره الجهادية يستوعبها..الم تتحدث معه؟..الم تسمع منه؟..الم تتقرب منه؟....ليحكي لك وتحكي له...وابنك صفوان...كيف تركته لاصدقاء السوء؟...ولد في السادسة عشر من عمره يشرب الخمر والمخدرات ..وتجلب له سيارة...ان الرفاهية الزائدة تلك والبعد عن ابنائك كانوا السبب الحقيقي في ضياع مستقبلهم......وخسارتك لهم.
كلمة الكاتب...الى هنا...تنتهي قصتنا...لكنها لم تنته على ارض واقعنا..تحدث كل يوم ويا للاسف..لا ننتبه الا بعد فوات الاوان...فيبقى الندم ونيسنا الوحيد وجليسنا الابدي الذي نظل نرافقه اقصد يرافقنا...
رسالتي...اظنها وصلت من تلك القصة التي قدمتها لقارئي العزيز..لكن السؤال الذي اطرحه على السادة القراء....
ايهم اشد على الشباب عتيا؟؟.............
اصدقاء السوء....ام الاباء والامهات انفسهم؟؟؟؟
نهاية ..لا يسعني المقام سوى توجيه شكر خاص للزميل الفاضل الكاتب (شريف عبد العزيز)...على منحه لي فكرة تلك القصة والثقة التي وضعها في ّ بالرغم من امكاناتي المحدودة وخيالي الفقير في سرد مثل تلك القصص..متمنيا له دوام التوفيق والنجاح والعافية
فكرة : شريف عبد العزيز
تأليف : مصطفى حواش
[/size]