أرجوكم، لا تهدوني زهورا! أعلم أنكم قد تندهشون وقد عهدتم في النساء حب الزهور، وإني لا أنكر ذلك. أحب الزهور، بل أعشقها شريطة أن تكون في تربتها، فإكرام الزهرة دفن جذورها وإبقاء أوصالها مستدفئة في بيئتها الأصلية. أمّا اقتلاعها وانتزاعها فليس من الإنسانية في شيء، بل هو الأنانية بعينها. أنقتل الزهور لنبتهج؟ أهكذا نحن معشر البشر؟ أيسركم أن تقول الزهور عنا أنّا قساة، عتاة، جبارون في الأرض؟ ألهذا استخلفنا الله؟ ألهذا حمّلنا الأمانة؟ ظلومٌ جهولٌ أيها الإنسان، ظلوم جهول أنت.وقتلة الزهور هؤلاء ليسوا جددا على تاريخ العالم. فنزعات الإنسان التخريبية قديمة قدم حقد قابيل على أخيه هابيل،
والأسوأ أنهم يجعلون الزهور القتيلة من المتطلبات المسبقة للتعبير عن المشاعر. ولا أراها تعبر عن شيء سوى عن نزعة حاقدة مخرّبةأوتعلمون؟ حسنًا يفعل أولئك الذين يضعون الزهور على أضرحة الموتى، فلربما كانوا يظنون أن الزهور التي تحتضر قادرة على مؤانسة الميت أو إيصال رسالة له فهي على شفير الموت واللحاق بعالم الموتى الذي هو فيه. قد أقبل هذه، لكن لا أقبل أن يدعي أحدهم الوصل عن طريق القتل.
حين كان الشاعر أمل دنقل على فراش الموت، يفيق تارة ويغفو تارة، كتب كلمات خالدة:
"تتحدث لي
كيف جاءت إلي
وأحزانها الملكية ترفع أعناقها الخضر
كي تتمنى لي العمر
و هي تجود بأنفاسها الآخرة"
"كل باقةْ
بين إغماءة وإفاقةْ
تتنفس مثلي بالكاد ثانيةً، ثانيةْ
وعلى صدرها حملت راضيةْ
اسم قاتلها في بطاقةْ!"
والأسوأ أنهم يجعلون الزهور القتيلة من المتطلبات المسبقة للتعبير عن المشاعر. ولا أراها تعبر عن شيء سوى عن نزعة حاقدة مخرّبةأوتعلمون؟ حسنًا يفعل أولئك الذين يضعون الزهور على أضرحة الموتى، فلربما كانوا يظنون أن الزهور التي تحتضر قادرة على مؤانسة الميت أو إيصال رسالة له فهي على شفير الموت واللحاق بعالم الموتى الذي هو فيه. قد أقبل هذه، لكن لا أقبل أن يدعي أحدهم الوصل عن طريق القتل.
حين كان الشاعر أمل دنقل على فراش الموت، يفيق تارة ويغفو تارة، كتب كلمات خالدة:
"تتحدث لي
كيف جاءت إلي
وأحزانها الملكية ترفع أعناقها الخضر
كي تتمنى لي العمر
و هي تجود بأنفاسها الآخرة"
"كل باقةْ
بين إغماءة وإفاقةْ
تتنفس مثلي بالكاد ثانيةً، ثانيةْ
وعلى صدرها حملت راضيةْ
اسم قاتلها في بطاقةْ!"