لقد ماتت العجوز جارتنا -
اخترق الخبر أذنه بينما هو مستلق أمام التلفاز يتابع مباراة فريقه الأثير.. و يلتهم الجيلى باستمتاع.. وقال في لا مبالاة: ماتت!!.. متى؟؟
قالت: اليوم صباحا.. يبدو أنهم يبحثون عن أقارب لها.. تبا لهم.. كيف يتركونها هكذا حتى ماتت وحيدة؟
هز رأسه ثم اتسعت عيناه مع الهجمة المضادة على الشاشة, وكاد يقفز فرحا عندما استعاد فريقه الكرة.. وظل يتابع المباراة بتركيز وهو مستمر في القضاء على الجيلى الذي أمامه
وفجأة.. بينما هو يبتلع كتلة من الجيلي إذ يحرز فريقه هدفا مفاجىء.. يقفز صارخا.. لكن لا صوت يخرج من فمه المفتوح.. يمسك رقبته.. انه عاجز عن التنفس
كتلة الجيلى وجدت طريقها لقصبته الهوائية.. يسقط أرضا.. ملامحه تعكس الذهول الأزرق بفعل نقص الأكسجين
العالم يظلم لأخر مرة.. لقد غاص في دوامة اللاوعي
*******
الظلام.. الظلام
ظلام هو بالضبط نيجاتيف للضوء الساطع
تلك هي الفكرة الاحتكارية التي شملت كيانه.. ولا تدانيها سوى فكرة ان هذا هو عالم ما بعد الموت
لا تقلق.. هي مرحلة انتقالية ولن تدوم طويلا -
يحاول الإلتفات للبحث عن صاحب الصوت.. فقط ليدرك انه لا جسم هنالك.. انه فى هذا المكان بوعيه فقط
يسأل: أين أنا؟
فيرد الصوت: أكره أن اكرر العبارات.. فكر قبل أن تسأل
يفكر.. ويقول: هل مت؟
تأتيه الإجابة: أنت على الطريق وتتقدم بطريقة ملحوظة
يسأل: وماذا ستفعل أمي.. وأبي.. وإخوتي ورفاقي؟
يقول الصوت: سيدفنونك و يقيمون عزاءاً ويبكى بعضهم يوما أو اثنين, ثم تأخذهم الحياة فينسون و يصبحون على ما يرام.. لا تقلق
يهتف: ماذا؟.. هكذا فقط؟؟.. لن يحدث بعد موتى سوى هذا التغيير البسيط؟.. لماذا تهون من الأمر لهذه الدرجة؟
يقول الصوت: يالك من أحمق!.. ماذا تظن قد يحدث أكثر؟؟
*******
لم يستطع أن يستوعب الأمر.. اخذ يتذكر جلوسه للغداء مع أسرته.. ذهابه للكلية مع رفاقه.. لعبهم ومرحهم
كيف يمكن أن يستمر كل شيء كما كان بعد رحيله؟
صورة دخيلة على كيانه اقتحمت خياله.. أسرته مجتمعة تضحك و تلعب و تتناول الطعام.. إنهم يبدون اكبر بعام أو اثنين.. و لكن أين هو؟.. آه.. انه مجرد صورة معلقة وعلى إطارها شريط اسود
صورة أخرى تتداخل.. رفاقه و هم يمارسون مرحهم و لعبهم من دونه أيضا
حسرة مؤلمة شملت كيانه.. إحساس بعدم الأسى على حياته.. ما دام المجتمع لن يتأثر بموته كما كان يتصور
*******
هذا غير أن كثيرين لن يهتموا أصلا لخبر موتك -
ماذا؟.. ماذا يقول هذا الصوت؟؟
صورة أخرى تملأ كيانه.. إنها جارته العجوز الطيبة التي اعتادت أن تعطيه الحلوى صغيرا.. وتعطف عليه.. وتدافع عنه أمام أصدقائه الأشقياء
حقاً لم يتأثر بخبر موتها وكأنها لم تكن من رموز حياته في الطفولة
تمنى لو يبكى.. لكن لا عينان هنا للبكاء.. فقط الشعور المرير يملأ كيانه
أرجو ألا أبقى هنا كثيرا فعلا.. أريد أن انتهي -
*******
الحمد لله.. لقد بدا يستعيد وعيه-
لم يفهم ما هنالك.. انه يفتح عينيه.. غرفة بيضاء.. أهله حوله.. أمه تبكي
كلام كثير عن الاختناق.. الإسعاف.. الإنعاش
إن ذهنه مشتت حقا.. أخيراً يستعيد القدرة على الكلام
العجوز.. أريد أن احضر عزائها.. بل أخذه بنفسي مع أقاربها -
تحتشد نظرات الدهشة المسلطة على وجهه.. لكنه لا يبالي.. لقد اتخذ القرار
اخترق الخبر أذنه بينما هو مستلق أمام التلفاز يتابع مباراة فريقه الأثير.. و يلتهم الجيلى باستمتاع.. وقال في لا مبالاة: ماتت!!.. متى؟؟
قالت: اليوم صباحا.. يبدو أنهم يبحثون عن أقارب لها.. تبا لهم.. كيف يتركونها هكذا حتى ماتت وحيدة؟
هز رأسه ثم اتسعت عيناه مع الهجمة المضادة على الشاشة, وكاد يقفز فرحا عندما استعاد فريقه الكرة.. وظل يتابع المباراة بتركيز وهو مستمر في القضاء على الجيلى الذي أمامه
وفجأة.. بينما هو يبتلع كتلة من الجيلي إذ يحرز فريقه هدفا مفاجىء.. يقفز صارخا.. لكن لا صوت يخرج من فمه المفتوح.. يمسك رقبته.. انه عاجز عن التنفس
كتلة الجيلى وجدت طريقها لقصبته الهوائية.. يسقط أرضا.. ملامحه تعكس الذهول الأزرق بفعل نقص الأكسجين
العالم يظلم لأخر مرة.. لقد غاص في دوامة اللاوعي
*******
الظلام.. الظلام
ظلام هو بالضبط نيجاتيف للضوء الساطع
تلك هي الفكرة الاحتكارية التي شملت كيانه.. ولا تدانيها سوى فكرة ان هذا هو عالم ما بعد الموت
لا تقلق.. هي مرحلة انتقالية ولن تدوم طويلا -
يحاول الإلتفات للبحث عن صاحب الصوت.. فقط ليدرك انه لا جسم هنالك.. انه فى هذا المكان بوعيه فقط
يسأل: أين أنا؟
فيرد الصوت: أكره أن اكرر العبارات.. فكر قبل أن تسأل
يفكر.. ويقول: هل مت؟
تأتيه الإجابة: أنت على الطريق وتتقدم بطريقة ملحوظة
يسأل: وماذا ستفعل أمي.. وأبي.. وإخوتي ورفاقي؟
يقول الصوت: سيدفنونك و يقيمون عزاءاً ويبكى بعضهم يوما أو اثنين, ثم تأخذهم الحياة فينسون و يصبحون على ما يرام.. لا تقلق
يهتف: ماذا؟.. هكذا فقط؟؟.. لن يحدث بعد موتى سوى هذا التغيير البسيط؟.. لماذا تهون من الأمر لهذه الدرجة؟
يقول الصوت: يالك من أحمق!.. ماذا تظن قد يحدث أكثر؟؟
*******
لم يستطع أن يستوعب الأمر.. اخذ يتذكر جلوسه للغداء مع أسرته.. ذهابه للكلية مع رفاقه.. لعبهم ومرحهم
كيف يمكن أن يستمر كل شيء كما كان بعد رحيله؟
صورة دخيلة على كيانه اقتحمت خياله.. أسرته مجتمعة تضحك و تلعب و تتناول الطعام.. إنهم يبدون اكبر بعام أو اثنين.. و لكن أين هو؟.. آه.. انه مجرد صورة معلقة وعلى إطارها شريط اسود
صورة أخرى تتداخل.. رفاقه و هم يمارسون مرحهم و لعبهم من دونه أيضا
حسرة مؤلمة شملت كيانه.. إحساس بعدم الأسى على حياته.. ما دام المجتمع لن يتأثر بموته كما كان يتصور
*******
هذا غير أن كثيرين لن يهتموا أصلا لخبر موتك -
ماذا؟.. ماذا يقول هذا الصوت؟؟
صورة أخرى تملأ كيانه.. إنها جارته العجوز الطيبة التي اعتادت أن تعطيه الحلوى صغيرا.. وتعطف عليه.. وتدافع عنه أمام أصدقائه الأشقياء
حقاً لم يتأثر بخبر موتها وكأنها لم تكن من رموز حياته في الطفولة
تمنى لو يبكى.. لكن لا عينان هنا للبكاء.. فقط الشعور المرير يملأ كيانه
أرجو ألا أبقى هنا كثيرا فعلا.. أريد أن انتهي -
*******
الحمد لله.. لقد بدا يستعيد وعيه-
لم يفهم ما هنالك.. انه يفتح عينيه.. غرفة بيضاء.. أهله حوله.. أمه تبكي
كلام كثير عن الاختناق.. الإسعاف.. الإنعاش
إن ذهنه مشتت حقا.. أخيراً يستعيد القدرة على الكلام
العجوز.. أريد أن احضر عزائها.. بل أخذه بنفسي مع أقاربها -
تحتشد نظرات الدهشة المسلطة على وجهه.. لكنه لا يبالي.. لقد اتخذ القرار