بسم الله الرحمن الرحيم
---------------
لعل الشخصية التي أتحدث عنها اليوم والتي لا يعلم الكثير منكم عنها شيئا
هي من أكثر الشخصيات التي جمعت بين الصفات المتضادة على مستوى التاريخ,والتي
أثارت الشبهات حول حقيقتها لأزمان عدة وربما حتى الآن...
ذلك الشخص هو جريجوري راسبوتين...
ولد في بلدة بوكروفسكوي في روسيا,وقد أثار منذ
صغره الاقاويل حول قدراته العجيبة,حيث كان يتمكن من شفاء الحصان المريض بمجرد لمسه..
ولذلك سعى منذ صغره إلى اكتساب سمعة جيدة بنشر الإشاعات حول نفسه بأنه شخص متدين
قريب من الله لذلك وهبه تلك القدرات العجيبة,ولكنه للأسف لم يتمكن من الاستمرار على ذلك
طويلا حيث أن حياته الماجنة وانحرافاته الأخلاقية العديدة جعلته في موضع الشك والشبهة دائما
حتى أنه لقب بـ "راسبوتين" أي "الفاجر" منذ صغره...ولكنه ولأجل محو تلك السمعة قام برحلات
طويلة سيراً على الأقدام مرتدياً ملابس لم يبدلها لسنوات زائرا العديد من الكنائس و قابل العديد
من الشخصيات الدينية التي بدأت تزكيه في الأوساط الأرستقراطية حتى نال مكانة عالية وشهرة
جيدة بينهم وبدأ نجمه يسطع بينهم,وانتشرت الشائعات بين تلك الأوساط حول قدرته العجيبة
على التطبيب والشفاء,وبنصائح العديد من الأصدقاء اتجه إلى مدينة سان بطرسبرغ في روسيا
إبان حكم القياصرة,وتمكن بقدراته العجيبة التي هي خليط من السحر والطب في علاج ابن الملكة
من المرض العضال الذي كان مصابا به,واكتسب بذلك مكانة كبيرة في القصر الملكي الروسي
ونظرا لكاريزمته العالية تمكن من أسر قلب الملكة واصبح هو الآمر الناهي في البلاط الروسي
حتى أنه عندما خرج القيصر نيكولا الثاني إلى الحرب العالمية الأولى على رأس الجيش الروسي
عاث راسبوتين في الأرض فساداً,و استطاع اكتساب المزيد والمزيد من القوى السياسية، وساهم في تعيين وطرد الوزراء. وبنفوذه الطاغي على قرارات القيصر السياسية، زاد اللوم الموجه للراهب السيبيري على المشاكل التي عانت منها البلاد، حتى أن مدينة سان بطرسبرغ أصبحت تعرف باسم " مدينة إبليس".
وحينما أثار الأمر حنق الأسرة المالكة,قدرر الأمير يوسوبوف قتله,ولكن راسبوتين لا يقتل بهذه السهولة
فبعد أن دعاه الأمير إلى حفل عشاء خاص في قصره ووضع له السم في الطعام,أكل راسبوتين الطعام
ولم يبد أي تأثر بالسم,فأطلق عليه الأمير الرصاص عدة مرات ولم يمت أيضاً فلم يجد بدا من أن يلقيه في النهر لتكون بذلك نهايته...
ويليه خلال شهرين قيام الثورة البلشفية وسقوط حكم القياصرة الروسيين ليكون راسبوتين وبالاً
على هذه الأسرة التي وضعت ثقتها في رجل,حار التاريخ في وصفه,فهل هو طبيب ماهر كما يدعي,
أم ساحر محترف,هل هو راهب سخر حياته للدين,أم مجرد رجل ماجن عابث,أم هو مجرد نصاب محترف
تمكن من خداع الجميع...لا أحد يدري...