قوله صلى الله عليه وسلم : ( المؤمن القوي خير وأحب إلى الله من المؤمن الضعيف , وفي كل خير ) والمراد بالقوة هنا عزيمة النفس , فيكون صاحب هذا الوصف أكثر إقداما على العدو في الجهاد , وأسرع خروجا إليه , وذهابا في طلبه , وأشد عزيمة في الأمر بالمعروف , والنهي عن المنكر , والصبر على الأذى في كل ذلك , واحتمال المشاق في ذات الله تعالى , وأرغب في الصلاة والصوم والأذكار وسائر العبادات , وأنشط طلبا لها , ومحافظة عليها , ونحو ذلك .
وأما قوله صلى الله عليه وسلم : ( وفي كل خير ) فمعناه في كل من القوي والضعيف خير لاشتراكهما في الإيمان , مع ما يأتي به الضعيف من العبادات .
قوله صلى الله عليه وسلم : ( احرص على ما ينفعك واستعن بالله ولا تعجز ) أما ( احرص ) فبكسر الراء , ( وتعجز ) بكسر الجيم , وحكي فتحهما جميعا , ومعناه احرص على طاعة الله تعالى , والرغبة فيما عنده , واطلب الإعانة من الله تعالى على ذلك , ولا تعجز , ولا تكسل عن طلب الطاعة , ولا عن طلب الإعانة .
قوله صلى الله عليه وسلم : ( وإن أصابك شيء فلا تقل : لو أني فعلت كان كذا وكذا , ولكن قل : قدر الله , وما شاء فعل ; فإن لو تفتح عمل الشيطان ) قال القاضي عياض : قال بعض العلماء : هذا النهي إنما هو لمن قاله معتقدا ذلك حتما , وأنه لو فعل ذلك لم تصبه قطعا , فأما من رد ذلك إلى مشيئة الله تعالى بأنه لن يصيبه إلا ما شاء الله , فليس من هذا , واستدل بقول أبي بكر الصديق رضي الله عنه في الغار : ( لو أن أحدهم رفع رأسه لرآنا ) . قال القاضي : وهذا لا حجة فيه ; لأنه إنما أخبر عن مستقبل , وليس فيه دعوى لرد قدر بعد وقوعه .. والله أعلم .
|